تصّور
  سينما وذاكرة
يمكن لهذا النص الذي أمامكم أن يشكّل خاتمةَ العدد صفر من دفاتر مجموعة سينما ذاكرة، نظرًا لثراء النصوص المقترحة والتي تعبّر، بتعدد وجهات نظرها، عن حجم خبرتنا التي عرضناها سنةً تلو الأخرى منذ 2007. بغض النظر عن الجوانب الفكرية والتحليلية، فإن هذه النصوص تحمل، كلٌ بطريقته، مقترحاتٍ متنوعة وخيوطًا يمكن تطويرها، ونوايا يمكن استكشافها وآفاقًا لمشاريع يمكن فتحها.
إن أمنيتنا هي أن نجعل من هذه الدفاتر فضاءً دائمًا للتفكير والتبادل ونقل الأرشيف والتعليم.
وُلِد مشروع "تخيّل" في 2019. إنه مشروعٌ متشعب وشاسع، يتمثل في تجنيد فِرَقٍ من المحترفين والمحترفات من مجالات مختلفة ليفكّروا معنا حول عشرين سنةٍ من الممارسة الميدانية في -وعن- سينما الفيلم الوثائقي الإبداعي - والتجريبي، بالمعنى الواسع للكلمة. شملت المحاور التي طوّرناها في هذا الإطار: التدريب، وقطب إبداع وتفكير متعدد المجالات، وورشات تركيب الصورة والصوت، والنقل والنشر.
كانت المهمة الأولى أن نجد منهج تصنيفٍ لأرشيفنا وأن نضع نتائج كل هذا العمل في متناول الجمهور. كما فتحنا قناة على شبكة Vimeo تضمّ كل الأفلام التي أُخرِجت كل سنة منذ 2007، في إطار ورشات إبداع الأفلام الوثائقية، إضافةً للمحاضرات، واللقاءات مع الجمهور في قاعات السينما والنقاشات وحصص نوادي السينما…
كانت إحدى نشاطاتنا أن نطلب من أعضاء فرقة سينما ذاكرة ومن بعض الشركاء أن يقترحوا علينا برمجة أفلام من كاتالوغ سينما ذاكرة، تُبرز مواضيع من شأنها شد انتباه مبرمجي ومبرمجات نوادي السينما. نُشِرت هذه البرامج على صفحاتنا في منصات التواصل، وبعدها في نوادي السينما. سمح هذا النشاط بتثمين رصيدنا وإبراز مواضيع ومسائل وأفكار حول السينما وممارستها.
رغم جائحة كوفيد-19 والتأخر الذي طال أجندتنا الاستباقية، فقد استطعنا بلوغ أهدافنا، ونظّمنا ثلاث ورشات تدريب:
  • ورشة مبتدئين في سينما الفيلم الوثائقي لفائدة عشرة شابّات تتراوح أعمارهم بين 20 و25 سنة، حول صور الحراك وحول سؤال "ما هو تصوير الحاضر؟"، ما أفضى عن أربعة أفلام قصيرة.
  • ورشة حول المشاهد الصوتية لتيميمون، لفائدة مشغّلي ومشغّلات الصوت ومنشّطي ومنشّطات البودكاست على حدّ سواء: استطاع سبعة أشخاص الاستفادة من هذه الورشة وإخراج وثائقيات صوتية متواجدة اليوم على الإنترنت.
  • وأخيرًا، تدريب حول السينما الوثائقية وإقامة كتابة موجهة لحاملي وحاملات مشاريع أفلام وثائقية، منهم أربعة اختيروا للانتاج بالشراكة مع شركات إنتاج.
  • أثرت نشاطات أخرى في مسار مشروع "تخيّل"، مثل بداية تفكير حول رهانات الأرشيف، من أجل مقاسمة مناهجنا وخلق تعاونات مستقبلية.
    نصل إذن إلى المشروع الحالي، والذي هو بصدد التحول إلى العدد صفر من "تخيّل - دفاتر سينما ذاكرة"، لكي نذكر قبل أي شيء آخر الأسباب التي تجعل السينما الوثائقية الإبداعية تهمّ مختلف شُعب البحث الأكاديمي والمستقل، وكذا مختلف تخصصات الممارسة الفنية. طلبنا من باحثين وباحثات ومن فنانين أن يقترحوا علينا نصوصًا تساعدنا في تحليل ممارساتنا، وهذا على عدة مستويات: الأرشيف، التعليم، النقل، النوع، التاريخ، الممارسة الفنية، الموضوعات…
    وفي هذا الصدد، وضعنا في متناولهم كامل إبداعات سينما ذاكرة (أفلام، محاضرات، بودكاست) والنصوص التي أنتجناها للتفكير والتنظير. كانت الفكرة أن يستلهموا بكل حرية من متن المسار الذي سلكناه، لإنتاج تفكير جديد يساعدنا بدوره على دفع عملنا نحو الأمام، وجعلنا نفهمه بشكل أفضل وأن نرسيه بشكل أحسن في واقعنا.
    نشرع إذن في مغامرة جديدة مع -تخيّل - دفاتر سينما ذاكرة -. ونأمل أن نجعل القرّاء يكتشفون، في الأعداد المقبلة، مدى ثراء السينما الوثائقية والتجريبية الجزائرية، عبر اقتراح نصوص مخصصة للأفلام التي رافقتنا، التي شاهدناها مرارا وتكرارا، والتي فكّكناها وعرضناها على الجمهور وحلّلناها مع المتدريبن والمتدخلين. يتعلق الأمر بأفلام عز الدين مدور، آسيا جبار، جميلة صحراوي، أحمد لعلام، براهيم تساكي، مالك بن سماعيل وآخرين. سنذهب للبحث في الأعداد القادمة عن التقاطعات: أن نفهم كيف ولماذا اكتست هذه الأعمال صدى مع تاريخنا، ما تقوله عن مخيلاتنا وضمائرنا، وكيف تصبح آثارا. ولنرسم، ربما، عددًا بعد الآخر خريطةً للصور الوازِنَة.
    dasdas